كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قالوا: ولا مانع من الأمر بعبادة مع ما يجبرها ويكملها، ولا مانع من أن يرد دليل خاص على جواز الأكل من بعض دماء الجبر.
قالوا: والدليل على وقوع الجبر في المباح: لزوم فدية الأذى المنصوص في آية: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] الآية: ولا شك أنه جبر في فعل مباح. وكذلك من لبس لمرض أو حر، أو برد شديدين، أو أكل صيدًا للضرورة المبيحة للميتة، أو احتاج للتداوي بطيب.
قالوا: ومن الأدلة على أنه دم جبر لا نسك سقوطه عن أهل مكة المنصوص عليه في قوله: {ذلك لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المسجد الحرام} [البقرة: 196] راجعة إلى التمتع بالعمرة إلى الحج، وأن أهل مكة لا تمتع لهم، لأنه على قول الجمهور لا فرق بين الآفاقي، وحاضري المسجد الحرام موجبًا لوجوب دم التمتع على الأول وسقوطه عن الثاني، إلا أن الأول: تمتع بالترفه بسقوط أحد السفرين لأحد النسكين: ولذلك قال مالك، وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، أبو حنيفة وأصحابه: إنه إن سافر بعد إحلاله من العمرة وأحرم للحج في سفر جديد أنه لا دم تمتع عليه لزوال العلة مع اختلافهم في قدر السفر المسقط للدم المذكور: فبعضهم يكتفي بسفر مسافة القصر، وهو مذهب أحمد، وهو مروي عن عطاء وإسحاق والمغيرة، كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني. وبعضهم: يكتفي بالرجوع إلى الميقات، وهو مذهب الشافعي، وبعضهم يشترط الرجوع إلى محله الذي جاء منه، وعزاه في المغني لأبي حنيفة وأصحابه. وبعضهم: يشترط ذلك أو سفر مسافة بقدره: أعني قدر مسافة المحل الذي جاء منه وهو مذهب مالك وأصحابه. وهذا يدل على أن دم التمتع دم جبر لنقص السفر المذكور، بدليل أن السفر إن حصل عندهم سقط الدم لزوال علة وجوبه.
الأمر الثالث: من الأمور التي استدل بها القائلون: بأفضلية الإفراد بعض الأحاديث الواردة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التمتع والقران.
قال البيهقي في السنن الكبرى: أخبرنا أبو على الروذباري، أنبأنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني حيوة، أخبرني أبو عيسى الخراساني، عن عبد الله بن القاسم الخراساني، عن سعيد بن المسيب: أن رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عمر بن الخطاب، فشهد عنده: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنبأ عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا هشام، عن قتادة، عن أبي شيخ الهنائي واسمه خيوان بن خالد: أن معاوية قال لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صفف النمور؟ قالوا: اللهم نعم.قال: وأنا أشهد قال: أتعلمون أن النَّبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعًا؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أتعلمون أن النَّبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ قالوا: اللهم لا، قال: والله إنها لمعهن» وكذلك رواه حماد بن سلمة والأشعث بن بزاز عن قتادة، وحماد بن سلمة في حديثه، ولَكِنكم نسيتم ورواه مطر الوراق، عن أبي شيخ في متعة الحج انتهى من البيهقي.
وقد ذكر النووي في شرح المهذب، عن البيهقي: أنه ذكر بإسناده الحديثين الذين سقناهما عنه آنفًا، ثم قال في الأول منهما: ورواه أبو داود في سننه. وقد اختلفوا في سماع سعيد بن المسيب عن عمر، لَكِنه لم يرو هنا عن عمر، بل عن صحابي غير مسمى والصحابة كلهم عدول.
ثم قال في الثاني منهما: رواه البيهقي بإسناد حسن انتهى.
وقال أبو داود رحمه الله في سننه: حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا حيوة، أخبرني أبو عيسى الخراساني، عن عبد الله بن القاسم، عن سعيد بن المسيب: «أن رجلًا من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم أتى عمر بن الخطاب، فشهد عنده: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج».
حدثنا موسى أبو سلمة ثنا حماد، عن قتادة عن أبي شيخ الهنائي خيوان بن خلدة ممن قرأ على أبي موسى الأشعري من أهل البصرة: أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كذا وكذا، وعن ركوب جلود النمور؟ قالوا: نعم، قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا، فقال: أما إنها معهن، ولَكِنكم نسيتم. انتهى منه.
الأمر الرابع: من الأمور التي استدل بها القائلون: بأفضلية الإفراد على غيره، أنه هو الذي كان الخلفاء الراشدون يفعلونه بعده صلى الله عليه وسلم، وهم أفضل الناس وأتقاهم، وأشدهم اتباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس مفردًا، وحج عمر بن الخطاب عشر سنين بالناس مفردًا، وحج عثمان رضي الله عنه بهم مدة خلافته مفردًا قالوا: فمدة هؤلاء الخلفاء الراشدين الثلاثة حول أربع وعشرين سنة وهم يحجون بالناس مفردين، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره، لما واظبوا عليه هذه المدة الطويلة.
قال النووي في شرح المهذب، وشرح مسلم في أدلة من فضل الإفراد: ومنها: أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد النَّبي صلى الله عليه وسلم أفردوا الحج، وواظبوا عليه، كذلك فعل أبو بكر وعمر وعثمان.
واختلف فعل على رضي الله عنهم أجمعين. وقد حج عمر بالناس عشر حجج مدة خلافته كلها مفردًا، ولو لم يكن هذا هو الأفضل عندهم، وعلموا أن النَّبي صلى الله عليه وسلم حج مفردًا لم يواظبوا على الإفراد مع أنهم الأئمة الأعلام، وقادة الإسلام ويقتدى بهم في عصرهم وبعدهم، وكيف يظن بهم المواظبة على خلاف فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم، أو أنهم خفي عليهم جميعهم فعله صلى الله عليه وسلم. وأما الخلاف عن علي وغيره، فإنما فعلوه لبيان الجواز، وقد قدمنا عنهم ما يوضح هذا انتهى منه.
الأمر الخامس: من الأمور التي استدل بها القائلون. بأفضلية الإفراد: هو ما ذكره النووي في شرح المهذب قال: ومنها: أن الأمة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهة، وكره عمر وعثمان وغيرهما ممن ذكرناه قبل هذا التمتع، وبعضهم كره التمتع والقران وإن كانوا يجوزونه على ما سبق تأويله، فكان ما أجمعوا على أنه لا كراهة فيه أفضل. انتهى منه.
وقال البيهقي في السنن الكبرى: فثبت بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز التمتع والقران والإفراد، وثبت بمضي النَّبي صلى الله عليه وسلم في حج مفرد ثم باختلاف الصدر الأول في كراهية التمتع والقران دون الإفراد كون إفراد الحج عن العمرة أفضل. والله أعلم. انتهى منه.
وقال البيهقي في السنن الكبرى أيضًا: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا: ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا أبو هشام، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا أبو حصين عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: حججت مع أبي بكر رضي الله عنه فجرد، ومع عمر رضي الله عنه فجرده، ومع عثمان رضي الله عنه فجرد.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا عبدالكريم بن الهيثم، ثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، أنبأ نافع: أن ابن عمر كان يقول: إن عمر رضي الله عنه كان يقول: «أن تفصلوا بين الحج والعمرة، وتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته» انتهى منه.
ثم ساق البيهقي بسنده عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن أبيهما عن علي أنه قال: يا بني أفرد الحج، فإنه أفضل. اهـ. وساق بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: جردوا الحج. وفي رواية له عنه: أنه أمر بإفراد الحج قال فكان أحب أن يكون لكل واحد منهما شعث وسفر. انتهى من البيهقي.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تاريخه، قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا أبو هشام، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا أبو حصين، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: حججت مع أبي بكر فجرد، ومع عمر فجرد، ومع عثمان فجرد.
تابعه الثوري، عن أبي حصين، وهذا إنما ذكرناه ههنا، لأن الظاهر أن هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم: إنما يفعلونه هذا عن توقيف. والمراد بالتجريد ها هنا: الإفراد والله أعلم.
وقال الدارقطني: ثنا أبو عبيد الله القاسم بن إسماعيل، ومحمد بن مخلد قالا: ثنا علي بن محمد بن معاوية الرزاز، ثنا عبد الله بن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: «أن النّبي صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد على الحج، فأفرد، ثم استعمل أبا بكر سنة تسع فأفرد الحج، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر فأفرد الحج، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، فبعث عمر فأفرد الحج، ثم حج أبو بكر فأفرد الحج، ثم توفي أبو بكر واستخلف عمر، فبعث عبد الرحمن بن عوف فأفرد الحج. ثم حج فأفرد الحج ثم حج عمر سنيه كلها فأفرد الحج» في إسناده عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف. لَكِن قال الحافظ البيهقي: له شاهد بإسناد صحيح. انتهى من البداية والنهاية لابن كثير.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثني هارون بن سعيد الإبلي، حدثنا أبو وهب، أخبرني عمرو وهو ابن الحرث، عن محمد بن عبد الرحمن: أن رجلًا من أهل العراق قال له: سل لي عروة بن الزبير، عن رجل يهل بالحج، فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا؟ فإن قال لك: لا يحل، فقل له: إن رجلًا يقول ذلك، قال: فسألته فقال: لا يحل من أهل بالحج إلا بالحج، قلت: فإن رجلًا كان يقول ذلك. قال: بئسما قال فتصدَّاني الرجل، فسألني فحدثته فقال: فقل له فإن رجلًا كان يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك وما شأن أسماء والزبير فعلا ذلك؟ قال: فجئته، فذكرت له ذلك فقال من هذا؟ فقلت: لا أدري، قال: فما باله لا يأتيني بنفسه، يسألني، أظنه عراقيًّا؟ فقلت: لا أدري قال: فإنه قد كذب قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة رضي الله عنها: أن أول شيء بدأ به حين قدم مكة، أنه توضأ ثم طاف بالبيت، ثم حج أبو بكر، فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره، ثم عمر مثلُ ذلك، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به: الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره، ثم معاوية، وعبد الله بن عمر، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام، فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم يكن غيره ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر، ثم لم ينقضها بِعمرةٍ، وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه؟ ولا أحد ممن مضى كانوا يبدؤون بشيء حين يضعون أقدامهم أول منَ الطَّواف بالبيت ثم لا يحلون، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبتدآن بشيء أول من البيت تطوفان به ثم لا تحلان، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بِعمرةٍ قطُّ، فلما مسحوا الركن حلوا، وقد كذب فيما ذكر من ذلك. انتهى من صحيح مسلم. وفيه التصريح من عروة بن الزبير رضي الله عنهما بأن الخلفاء الراشدين والمهاجرين، والأنصار كانت عادتهم أن يأتوا مفردين بالحج، ثم يتمونه كما رأيت.
وقال النووي في شرح الحديث المذكور وقوله: ثم لم يكن غيره وكذا قال فيما بعده، ولم يكن غيره هكذا هو في جميع النسخ غيره بالغين المعجمة والياء، قال القضاي عياض: كذا هو في جميع النسخ قال: وهو تصحيف وصوابه: ثم لم تكن عمرة بضم العين المهملة وبالميم، وكان السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة على مذهب من رأى ذلك، واحتج بأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك في حجة الوداع، فأعلمه عروة: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بنفسه، ولا من جاء بعده. هذا كلام القاضي.
قلت: هذا الذي قاله من أن قول غيره تصحيف ليس كما قال، بل هو صحيح في الرواية وصحيح في المعنى، لأن قوله غيره يتناول العمرة وغيرها.
ويكون تقدير الكلام: ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره: أي لم يغير الحج، ولم ينقله، ويفسخه إلى غيره لا عمرة ولا قران، والله أعلم، انتهى كلام النووي، وهو صواب.
وقال البخاري في صحيحه: حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي: أنه سأل عروة بن الزبير، فقال: قد حج النَّبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشةُ رضي الله عنها: أنه أول شيء بدأ به حين قدم: أنَّه توضأ، ثم طاف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم حج أبو بكر رضي الله عنه، فكان أول شيء بدأ به: الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة، ثم عمر رضي الله عنه مثل ذلك، ثم حج عثمان رضي الله عنه، فرأيته أول شيء بدأ به: الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرةٌ، ثم معاوية وعبد الله بن عمر، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام، فكان أول شيء بدأ به: الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم تكن عمرة، ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر، ثم لم ينقضها عمرةً، وهذا ابن عمر عندهم فلا يسألونه ولا أحد ممن مضى، ما كانوا يبدأون بشيء، حتى يضعوا أقدامهم من الطواف بالبيت، ثم لا يحلون.
وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبتدئان بشيء أول من البيت تطوفان به ثم لا تحلان، وقد أخبرتني أمِّي: أنها أهلت، هي وأختها والزبير، وفلان، وفلان بعمرةٍ. فلما مسحوا الركن حلوا. انتهى منه.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه أيضًا: حدثنا أصبغ، عن ابن وهب: أخبرني عمرو عن محمد بن عبد الرحمن ذكرت لعروَةَ قال: فأخبرتني عائشة رضي الله عنها: أن أول شيء بدأ به حين قدم النَّبي صلى الله عليه وسلم: أنه توضأ، ثم طاف، ثم لم تكن عمرة، ثم حج أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما مثله، ثم حججت مع أبي الزبير رضي الله عنه، فأولُ شيء بدأ به الطواف، ثم رأيت المهاجرين، والأنصار يفعلونه، وقد أخبرتني أمي: أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة، فلما مسحوا لاركن حلوا. انتهى منه.
قالوا: وجواب ابن عباس رضي الله عنهما عن حديث عروة المذكور لا يدفع احتجاج عروة بما ذكر، وكذلك جواب ابن حزم، وقد أجاب عروة ابن عباس فأسكته.
أما جواب ابن عباس الذي ذكروه، فهو ما رواه الأعمش، عن فضيل بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: «تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم» فقال عروة: نهى أبو بكر، وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: أراكم ستهلكون، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: قال أبو بكر وعمر. وقال عبدالرزاق: حدثنا معمر، عن أيوب قال: قال عروة لابن عباس: ألا تتقي الله ترخص في المتعة، فقال ابن عباس: سل أمك يا عرية، فقال عروة: أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا. فقال ابن عباس: والله ما أراكم منهين حتى يعذبكم الله أحدثكم عن رسول الله، وتحدثوننا عن أبي بكر وعمر، فقال عروة: لهما أعلم بسنة الله صلى الله عليه وسلم. أتبع لها منك. اهـ. قالوا: فترى عروة أجاب ابن عباس بجواب أسكته به.
ولا شك أن الخلفاء الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، كانوا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبع لها لا يمكن ابن عباس أن ينكر ذلك.